Sunday, September 26, 2010

ARTIKEL JEMPUTAN: BAGAIMANA UMAT ISLAM MEMAHAMI QADHA' & QADAR?

فتاوى وأحكامالعقائد والغيبيات
كيف يفهم المسلم القضاء والقدر

المسلم مطالب بأن يأخذ بالأسباب، ويسعى بكل ما أوتي من قوة لدفع الضر، وهو يوقن تمام اليقين انه لا يجلب لنفسه نفعا أو يدفع عنها ضرا إلا بإذن الله .
 يقول فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور يوسف القرضاوي:-










هذا السؤال سؤال قديم معروف، ويبدو أنه مهما طال الزمن سيظل يخطر على الافئدة، ويدور على الألسنة، ولا داعي للحيرة في شأنه، فان الاسلام قد شفي في جوابه وكفى وسنعرض لهذه المسألة في النقاط التالية:








1- أما إن كل ما في الكون مكتوب مسجل، فهذا معلوم من الدين بالضرورة ولاشك فيه، وإن كنا لا نعلم كيفية الكتابة، وماهية الكتاب، وكل الذي نعلمه أن الله تعالى قد أبدع هذا الكون بأرضه وسمائه، وجماداته واحيائه، على وفق تقدير أزلي عنده، وانه أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، وأن كل ما يحدث في هذا الكون العريض يحدث وفق علمه وارادته {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} «سورة يونس: 61» {وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} «سورة الأنعام: 59»، {ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} «سورة الحديد: 22».

2- هذا العلم المستوعب، والاحصاء الدقيق، والتسجيل الشامل للاشياء والأحداث قبل وقوعها لا ينافي الاجتهاد في العمل واتخاذ الاسباب:
فإن الله كما كتب المسببات كتب الأسباب، وكما قدر النتائج، قدر المقدمات فهو لا يكتب للطالب النجاح فحسب بحيث يصل الى هذه النتيجة باي وسيلة، ولكن يكتب له النجاح بوسائله من جد وحرص وانتباه ووعي وصبر وجلد إلى آخر هذه الاسباب.
فهذا مقدر مكتوب، وهذا مقدر مكتوب.

إن الاخذ بالاسباب لا ينافي القدر بل هو من القدر ايضا، ولهذا حين سئل عن الادوية والاسباب التي يتقي بها المكروه، هل ترد من قدر الله شيئاً، كان جوابه الفاصل: «هي من قدر الله» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه.

ولما انتشر الوباء في بلاد الشام قرر عمر بمشورة الصحابة العدول عن دخولها، والرجوع بمن معه من المسلمين، فقيل له: اتفر من قدر الله يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت إن نزلت بقعتين من الارض، إحداهما مخصبة والاخرى مجدبة، أليس إن رعيت المخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت المجدبة رعيتها بقدر الله؟!


3- إن القدر أمر مغيب مستور عنا: فنحن لا نعرف أن الشيء مقدر إلا بعد وقوعه، أما قبل الوقوع فنحن مأمورون أن نتبع السنن الكونية، والتوجيهات الشرعية لنحرز الخير لديننا ودنيانا.
إنما الغيب كتاب صانه عن عيون الخلق رب العالمين.
ليس يبدو منه للناس سوى صفحة الحاضر حينا بعد حين.

وسنن الله في كونه وشرعه تحتم علينا الاخذ بالاسباب كما فعل ذلك أقوى الناس إيمانا بالله وقضائه وقدره، وهو رسول الله فقد اخذ الحذر، وأعد الجيوش، وبعث الطلائع والعيون، وظاهر بين درعين، ولبس المغفر على رأسه، واقعد الرماة على فم الشعب، وخندق حول المدينة، وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجر هو بنفسه، واتخذ أسباب الحيطة في هجرته.. أعد الرواحل التي يمتطيها، والدليل الذي يصحبه، وغير الطريق، واختبأ في الغار، وتعاطى أسباب الأكل والشرب، وادخر لاهله قوت سنة، ولم ينتظر أن ينزل عليه الرزق من السماء، وقال للذي سأله ايعقل ناقته، أم يتركها ويتوكل: اعقلها وتوكل (رواه ابن حبان باسناد صحيح عن عمرو بن أمية الضمري ورواه ابن خزيمة والطبراني باسناد جيد بلفظ «قيدها وتوكل»»، وقال: «فر من المجذوم فرارك من الاسد» (رواه البخاري) و«لا يوردن ممرض على مصح»(رواه البخاري» أي لا يخلط صاحب الابل المريضة ابله بالابل السليمة، اتقاء العدوى.


4- الايمان بالقدر إذن لا ينافي العمل والسعي والجد في جلب ما نحب، واتقاء ما نكره.
فليس لمتراخ أو كسلان أن يلقى على القدر كل اوزاره واثقاله، واخطائه وخطاياه، فهذا دليل العجز والهرب من المسؤولية، ورحم الله الدكتور محمد إقبال إذ قال: «المسلم الضعيف يحتج بقضاء الله وقدره، اما المسلم القوي فهو يعتقد انه قضاء الله الذي لا يرد، وقدره الذي لا يغلب».


وهكذا كان المسلمون الاولون يعتقدون ففي معارك الفتح الاسلامي دخل المغيرة بن شعبة على قائد من قواد الروم فقال له: من أنتم؟ قال: نحن قدر الله، ابتلاكم الله بنا، فلو كنتم في سحابة لصعدنا اليكم، أو لهبطتم الينا!!

ولا ينبغي أن يلجأ الانسان إلى الاعتذار بالقدر إلا حينما يبذل وسعه، ويفرغ جهده وطاقته، وبعد ذلك يقول: هذا قضاء الله.
غلب رجل آخر أمام النبي عليه السلام، فقال المغلوب: حسبي الله، فغضب النبي، ورأى ظاهر هذه الكلمة ايمانا، وباطنها عجزا، فقال: «إن الله يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس، فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله».

5- ثمرة الايمان بالقضاء والقدر: إن من ثمرة الايمان بالقضاء والقدر- حينما يبذل الانسان كل ما تحت يده، ويرتقب ما في يد الله- ان يهبه المضاء في موقف اليأس، والعزيمة في مجال الكفاح، والشجاعة ساعة الخطر، والصبر عند الصدمة، والرضا بالكسب الحلال عند تفاوت الحظوظ الدنيوية.

إنه سيقول عند الكفاح: لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
وسيقول عند المعركة: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}.
وسيقول عند المصيبة: قدر الله وما شاء فعل.
وسيقول للسلطان الجائر: إنك لن تقدم أجلي، ولن تحرمني رزقا هو لي.
إن عقيدة القدر اذا فهمت على وجهها الصحيح تستطيع ان تخلق من أمتنا أمة مجاهدة صامدة، جديرة بان تقود زمام التاريخ.





المصدر: جريدة الشرق القطرية

No comments:

Post a Comment